الأحد، 29 يناير 2012


هناك الكثير من الاتهامات دون وجه حق حول ميراث المرأة في الإسلام، تداولها وأشاعها جاهلون بأحكام الشريعة الإسلامية من اليساريين والعلمانيين, الذين رأوا من زاوية مظلمة هضم الإسلام لحقوق المرأة وحاولوا نشر خطا ما تراءى لهم من ظلم الإسلام للمرأة وإنقاصه لحقها في الميراث وتمييزه للرجل على حساب المرأة متخذين من قوله تعالى: "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ" حجة قوية لهم بأن نصيب المرأة نصف نصيب الرجل, وإن كان ذلك ليس تقليلا من شان المرأة أو تمييزا للرجل عليها وإنما تحقيقا للعدل ولمساندة الرجل في القيام بواجباته التي كلفه بها الإسلام من نفقة وتربية ورعاية لأمه الأرملة ولزوجته ولمن يعول।لذلك رأيت ضرورة توضيح نظام الإرث في الإسلام, الذي جاء لينصف المرأة وليحدد حقوقها المالية, ويطالب بالحفاظ عليها بعد أن كانت مجرد سلعة تباع وتشترى على مدار العصور والحضارات القديمة والحديثة التي منعت المرأة التملك وأنكرت حقها في الميراث , ولم يكن حال المرأة عند العرب في الجاهلية وقبل الإسلام أحسن حالا ولا أعظم شأنا بل إنها بدلا من أن ترث، كانت تورث كالمتاع وكان بعضهم يئد ابنته وهي حية خشية العار , وفي سبيل توضيح الصورة التي جاء بها الإسلام ليكرم المرأة ويحفظ حقوقها سأقوم بعرض لدراسة فقهية بعنوان "امتياز المرأة على الرجل في الميراث والنفقة" تتناول حقوق المرأة المالية بشكل تفصيلي ومميز للدكتور صلاح الدين سلطان، رئيس المركز الأمريكي للدراسات الإسلامية ورئيس الجامعة الأمريكية الإسلامية سابقا، وتوضح بأن الإسلام راعى ضعف المرأة فأكرمها في الميراث والنفقة, أكثر من الرجل بعكس ما يتوهم الكثيرون.وتشتمل الدراسة على ثلاث فصول :الفصل الأول: حق المرأة في الميراث في الشريعة الإسلامية.الفصل الثاني: حق المرأة في النفقة في الشريعة الإسلامية.الفصل الثالث: التوازن بين حقي المرأة في الميراث والنفقة في الشريعة الإسلاميةأولا حق المرأة في الميراث في الشريعة الإسلامية:يختلف حق المرأة في الميراث ويُحدد طبقا لدرجة قرابتها بالشخص المتوفى وسواء أكانت زوجة أو ابنة أو أما أو أختا وطبقا للواجبات الملقاة على عاتقها، وعلى هذا فأحيانا يكون لها نصف نصيب الرجل وأحيانا أخرى يكون نصيبها مساو لنصيب الرجل وهناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل وحالات أخرى ترث المرأة ولا يرث الرجل وسنتناول كل حالة على حدةالحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل:ترث المرأة نصف الرجل في أربع حالات وهي:- وجود البنت مع الابن لقوله تعالى "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ" وعليه إذا مات أب أو أم وتركا ولدا وبنتا, يكون للولد ضعف البنت أي بنسبة 2: 1- عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة وذلك لقوله تعالى "فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ" أي أن نصيب الأم ثلث التركة والباقي وهو الثلثان للأب- وجود الأخت الشقيقة أو لأب مع الأخ الشقيق أو لأب لقوله تعالى "وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ" وعليه من مات وترك أخا شقيقا وأختا شقيقة تكون نسبة تقسيم الميراث 2: 1 وإذا ترك أخا لأب وأختا لأب تكون النسبة أيضا 2: 1- حالات أحد الزوجين لقوله تعالى "وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ" وعليه إذا مات أحد الزوجين وترك الآخر فيكون نصيب الزوج النصف ونصيب الزوجة الربع في حالة عدم وجود الولد أما مع وجود الولد فيكون نصيب الزوج الربع ونصيب الزوجة الثمنالحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل:هناك خمس حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل وهي :- حالة ميراث الأم مع الأب مع وجود ولد ذكر أو بنتين فأكثر أو بنت أحيانا وعليه يأخذ الأب السدس وتأخذ الأم السدس ويأخذ الابن الباقي تعصيبا.- ميراث الإخوة لأم مع الأخوات لأم دائما في الميراث، وعليها إذا توفيت زوجة وتركت زوج وأم وأخت لأم أو أخ لأم فيأخذ الزوج نصف التركة وتأخذ الأم الثلث والسدس يأخذه الأخ لأم أو الأخت لام.- تساوي الرجل والمرأة عند انفراد أحدهما بالتركة فإذا كان الوارث أبا فيأخذ كل التركة تعصيبا وإذا كانت الوارثة أما فتأخذ الثلث + الباقي ردا عليها، وإذا كان الوارث ابنا فيأخذ كل التركة تعصيبا وإذا كان الوارث بنتا فتأخذ النصف + الباقي ردا عليها، وإذا كان الوارث أخا فيأخذ كل التركة تعصيبا وإذا كان أختا فتأخذ النصف بالإضافة إلى الباقي ردا عليها، وإذا كان الوارث زوجا فيأخذ كل التركة تعصيبا وإذا كانت زوجة فتأخذ الربع إضافة إلى الباقي ردا عليها، وإذا كان الوارث خالا فيأخذ كل التركة لأنه من ذوي الأرحام وإذا كان الوارث خالة فتأخذ أيضا التركة كلها لأنها من ذوات الأرحام، وإذا كان الوارث عما يأخذ التركة كلها تعصيبا، وإذا كان الوارث عمة فتأخذ كل التركة لأنها من ذوات الأرحام.- المسألة المشتركة , فإذا ماتت امرأة عن زوج وأم وأختين لام وأخ شقيق ففي هذه الحالة يأخذ الزوج والنصف وتأخذ الأم السدس وتأخذ الأختين لام الثلث ويأخذ الأخ الشقيق الباقي ولم يبق له شيء هنا فلن ينال أي نصيب من التركة وبالتالي يكون نصيب الرجال هنا مساو لنصيب النساء- كما أن هناك حالات أخرى محددة ترث فيها المرأة مثل الرجل وهي: تساوي الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق. تساوي الأخت لأم مع الأخ الشقيق دون تشريك. تساوي عدد النساء مع الرجال فيمن لا يحجبون أبدا. ميراث ذوي الأرحام.ويحكمه ثلاث مذاهب :-مذهب أهل الرحم .-مذهب أهل التنزيل .-مذهب أهل القرابة .الحالات التي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:- فرض الثلث يكون أحظى للمرأة من التعصيب للرجل أحيانا، فإذا توفي رجل عن زوجة وأم وأختين لأم وأخوين شقيقين وترك 48 فدانا, فيكون نصيب الزوجة 12 فدان ونصيب الأم 8 أفدنة ونصيب الأختين 16 فدان ونصيب الأخوين 12 فدان أي أن الأخت 8 أفدنة في مقابل 6 أفدنة للأخ.-فرض الثلثين مفيد للمرأة على التعصيب للرجل أحيانا, فإذا ماتت امرأة عن ستين فدانا وكان الورثة زوج وأب وأم وبنتين فيكون للزوج 12 فدان والأب 8 أفدنة والأم 8 أفدنة والبنتان 32 فدان أي كل بنت 16 فدانا.- فرض النصف أفاد الإناث عن التعصيب للرجل أحيانا, فلو ماتت امرأة تاركة 156 فدانا وكان ورثتها زوج وأب وأم وبنت فإن نصيب الزوج يكون 36 وكل من الأب والأم 24 وتأخذ البنت 72 فدانا.- فرض السدس يكون أحظى للمرأة من التعصيب للرجل أحيانا فلو ماتت امرأة وتركت 60 فدانا لزوج وأم وأخت لأم وأخوين شقيقين فيأخذ الزوج النصف أي 30 فدانا وتأخذ الأخت لأم السدس "10 أفدنة" وتأخذ الأم سدسا هي الأخرى والباقي تعصيبا 10 أفدنة للأخوين الشقيقين.الحالات التي ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال:هناك حالات عديدة ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال، ومن هذه الحالات التي ذكرها مؤلف الدراسة:- ميراث الجدة: فكثيراً ما ترث الجدة ولا يرث نظيرها من الأجداد فلو كان الورثة أب لأم وأم لأم فالأب لأم لا يرث لأنه جد غير وارث في حين ترث الأم لأم السدس فرضا + الباقي ردا عليها ولو كان الورثة هم أب لأم أم, وأم أم أم، فالأول ممنوع من الميراث لأنه جد فاسد "غير وارث" في حين ترث الثانية السدس + الباقي ردا عليها, ونلاحظ أن الأجداد هنا لا يرثون بالفرض ولا بالرد بينما الجدة التي تناظره بل قد تكون زوجته غالبا ترث وحدها التركة كلها وهو لا يرث شيئا إلا إذا أعطى شيئا عملا بالآية "وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا" كما ذكر المؤلف حالات أخرى ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها الرجل منها:- إذا كانت التركة 195 فدانا وكان الورثة هم زوج وأب وأم وبنت وبنت ابن فيكون من حق الزوج 39 فدانا والأب 26 فدانا والأم 26 فدانا والبنت 78 فدانا والبنت لابن 26 فدانا في حين لو كان الورثة زوج وأب وأم وبنت وابن ابن فسيأخذ الزوج 45 فدانا ويأخذ الأب 30 فدانا والأم 30 فدانا والبنت 90 فدانا أما الابن لابن فيأخذ الباقي تعصيبا وهو هنا لا شيء "أي لا نصيب له في حين كان لبنت الابن نصيبا"- لو كانت التركة 84 فدانا وكان الورثة هم زوج وأخت شقيق وأخت لأب فيأخذ الزوج 36 فدانا وتأخذ الأخت الشقيقة 36 فدانا وتأخذ الأخت لأب نصيبها السدس أي 12 فدانا، أما إذا كان الورثة هم زوج وأخت شقيق وأخ لأب، فيأخذ الزوج نصف التركة "42 فدانا" وتأخذ الأخت أيضا 42 فدانا أما الأخ لأب فيأخذ الباقي تعصيبا، وهو هنا لاشيء, ونلاحظ في هذا المثال أن الأخت لأب أخذت بفرضها السدس (12 ف) ولم يأخذ نظيرها وهو الأخ لأب ولا توجد وصية واجبة له لأنه ليس من فرع ولد الميت.ومن خلال هذا العرض يتضح أن الإسلام قد راعى ضعف المرة فأكرمها في الميراث والنفقة وجعل لها ميراثا أكثر من الرجل في حالات أخرى , كما يوضح العرض بان الداعيين إلى المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة يجهلون كثيرا في فقه المواريث الذي كفل حق المرأة في الميراث ,ويبنون كلامهم على أسس غير صحيحة .

ليست هناك تعليقات: