الثلاثاء، 20 مارس 2012

مصروف الزوجة الشهري من باب الفضل وليس الوجوب

الثلاثاء, 03 / 6 / 2012 - 14:11
تقييمك: لا يوجد المتوسط : 5 (2 تصويتات)

كثيرات هن الزوجات اللاتي يثرن المشاكل الأسرية بسبب مصروف البيت والمطالبة بأهمية وضرورة تحديد مصروف شخصي لشراء احتياجاتها الخاصة, وشكوى الزوجات بخصوص المصروف لم يقتصر مناقشتها داخل إطار الأسرة فحسب, وإنما كثيرا ما تناقش مع الصديقات وفي العالم الافتراضي داخل المنتديات المختلفة وأيضا في بريد القراء في الجرائد المختلفة,

ومنها ما أرسلته (س. ع ) إلى بريد قراء إحدى الجرائد تقول في رسالتها: " كنت في بيت أهلي لا أطلب شيئا ولي كسوة شتاء وكسوة صيف بالإضافة إلى مصروف شهري خاص بي, حرة التصرف فيه, وعندما تزوجت ظننت أنني سأمشي على نفس المنهج فوجدت زوجي لا يشتري لي أي كسوة, لا في الشتاء ولا في الصيف وطلبت منه مرارا أن يعطيني مصروفا شهريا خاص بي ولكنه رفض رفضا باتا, وتتساءل:ألا يوجد في الشرع ما يلزمه أن يعطيني مصروفا؟ أكون حرة فيه اشتري ذهبا (أحوشه), أجدد بيتي, أشتري ماكينات متطورة لمطبخي, أشعر نفسي بالسعادة, علما بأن دخله يسمح بذلك.

وحول هذه الشكوى التقى (موقع وفاء لحقوق المرأة ) بالدكتور محمد سعدي, عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين, للرد على هذه الاستفسارات والذي أكد بدوره بأن المصروف الخاص بالمرأة من باب الفضل والإحسان لدى الزوج وليس من باب الإلزام والوجوب واليكم نص الحوار:

بداية كيف كرم الإسلام المرأة وحفظ حقوقها المالية؟

قبل أن نتحدث عن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة نذكر المعاملة التي كانت تلاقيها المرأة قبل سطوع شمس الإسلام، فقد تعرضت المرأة لكثير من أشكال التمييز والعنف، فالمرأة الرومانية مسلوبة الإرادة لا حق لها في التملك وبالطبع لا حق لها في ميراثها من أبيها، ولا تستطيع أن تطلب الطلاق من الرجل، وكونها أنثى كفيلا بأن يحرمها من الأهلية.

والمرأة الصينية من حق زوجها بيعها، والمرأة الهندية عليها أن تحرق نفسها بالنار التي يحرق بها جسد زوجها الراحل إذ لا حق لها في العيش بعده،

والمرأة الجاهلية كانت تتعرض للوأد في بعض قبائل العرب، وكان من المقدَّر عليها أنها إذا مات زوجها ورثها ابنه كما يرث باقي متاع البيت، فضلا عن حرمانها من الميراث.

والمرأة الفرعونية على الرغم من أنها وصلت لسدة الحكم، ولكنها كانت تقدم قربانا للنيل حتى أبطل الإسلام هذه العادة الشيطانية في عهد الصحابي الجليل عمرو بن العاص بأمر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وماذا عن علو شانها في ظل الإسلام. ...

أتى الإسلام والحال كما هو والفوضى تعم الأرض، والهوى صار إلها معبودا، والأعراف الفاسدة سائدة منتشرة بين الناس فحارب الإسلام هذه الأعراف الفاسدة، وأعاد للمرأة مكانتها، وإن كانت المرأة لاقت تمييزا خارج الإسلام فالمرأة المسلمة لاقت تميزا, فأصبح لها حق طلب الطلاق في الإسلام كما لها أن تختلع من زوجها إن رفض الطلاق، ولها ذمتها المالية المستقلة، ولها الحق في البيع والشراء ولها الحق في التملك وجميع ألوان التصرف من هبة وهدية ووصية، ووقف ولها الحق في التعلم والتعليم إلخ.

وكانت المرأة المسلمة إبان نهضة المسلمين الحضارية معتلية أعلى الدرجات في العلم، ونذكر على سبيل المثال أن شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني عند ما ترجم لمشايخه في المعجم المفهرس ذكر الكثير من النساء اللاتي تلقى عليهن العلم، فقد ذكر أنه قرأ على نيف وخمسين امرأة.. كلهن شيوخه في العلم، فأعاد الإسلام للمرأة حقها المسلوب في الإنسانية، وصارت المرأة تاجرة وعالمة بل وتتولى أمر ضبط الأسواق، ومراقبة حركة البيع والشراء فيها، فهذه الشفاء بنت عبد الله العدوية القرشية قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من أمر السوق.

تعاني الكثير من الأسر مشاكل كثيرة بسب حاجة الزوجة إلى مصروف شخصي خاص بها فهل من حق الزوجة مصروف شهري خاص بها؟

الذي يضبط العلاقة بين الرجل والمرأة في ديننا الحنيف أمران, أولهما العدل, والثاني الفضل, ويعد من حقوق المرأة الثابتة لها: حقها في النفقة والكسوة والمسكن الصالح الملائم لها، كما لها الحق في العلاج، والزوج إن قصَّر في هذه النفقة الواجبة عليه فإنه يجبر عليها جبرا، فيجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف من غير إسراف أو تقتير قال تعالى: "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة/233] ولحديث معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" " رواه أبو داود

ويجب عليه المسكن حسب طاقته أيضا لقول الله عز وجل أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ( الطلاق :6 )

أما الفضل والإحسان فيجعل الرجل يجيب زوجته لطلبها مصروفا زائدا عن حقها في النفقة الواجبة فهذا من باب الإحسان للزوجة والرفق بها، وما كان الرفق في شيء إلا زانه، هذا من غير إلزام عليه ولا وجوب، ولكنه من باب حسن العشرة والمروءة، ولا سيما إن كان الزوج قادرا على هذا وكان الله موسعا عليه، جاء في حديث لحديث جابر الذي أخرجه مسلم في صحيحه وفيه " إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهل بيته "

وهل الزوجة الموظفة تختلف عن الزوجة الغير موظفة في هذه الأحكام؟

هذه حقوق ثابتة للمرأة بشكل عام بصرف النظر عن كونها موظفة أم لا, وإن كان هناك أي اتفاق بين الزوج والزوجة على نمط معين, فما دام الاتفاق سيده فلا مانع.

كثير من الزوجات وخاصة في دول الخليج يتفق مع أزواجهن بفتح حساب بنكي لهن وإيداع المصروف به تلقائيا دون الطلب أو أخذه باليد فما تعليقكم على هذا الأسلوب في العلاقات الزوجية؟

يرجع الأمر في ذلك إلى حال كل زوج مع زوجته، وكل أدرى بحال نفسه، وكل له اختيار الطريقة التي يريد أن يوسع بها على أهل بيته سواء أعطاهم المال نقدا أو وضعه في بنك، ولا يتغير هذا الحكم بغنى المرأة أو فقرها، أو كانت عاملة أو لا؛ لأنَّ هذا المصروف من باب الفضل والإحسان وليس من باب الوجوب والإلزام .

وهل للزوجة الحق في التصدق من مصروفها دون علم الزوج أو مجاملة من تريد وبأي شكل دون إعلامه؟

هناك عدل وهناك فضل في هذه المسألة أيضا, فالعدل يقضي أنه إذا دخل ملك المرأة مالا فإن لها كما بينا ذمتها المالية المستقلة، ولها أهليتها الكاملة ومن مقتضيات هذه الأهلية أن تنفق مالها حيث تريد من غير إسراف أو تبذير.أما الفضل فيقضي أنه من باب الإحسان للزوج ومن حسن عشرة المرأة لزوجها أن تخبره إذا أراد أن يعرف فهذا من باب تقوية جسور العلاقة بين الزوجين وهدم لمداخل الشيطان إذا أراد أن يتسلل لهذه الأسرة.

أما إذا أرادت المرأة أن تنفق من مال زوجها الخاص به، أو من المال الذي دفعه الزوج لها لكي يكون من نفقتها الواجبة عليه، فإنه لا يجوز لها أن تنفقه في غير المصارف التي حددها لها الزوج إلا بإذنه, للحديث الذي رواه الترمذي بسنده عن أبي إمامة البهلي في خطبة الوداع: " لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها " بخلاف الشيء اليسير الذي لا يؤبه به فهذا يجوز لها أن تتصرف فيه بغير إذن زوجها.

وقد استثناه العلماء من المنع لأن الشيء اليسير قد جرت العادة بالتسامح في مثله, وقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أطعمت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة, كان لها أجرها بما أنفقت, ولزوجها أجره بما اكتسب, وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا "

والله أعلم, داعين الله الهداية لجميع الأزواج والزوجات.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مقال مميز