كتبت: رشا عبيد
الاربعاء , 22 يونيو 2011 22:00
استكمالا لحلقات مسلسل "الفوضى والانفلات الأمني"، انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من حالات التعدي والاعتداء على رجال الشرطة قدّرتها الإحصائيات بحالتين أسبوعيا، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول الكارثة التي تجعلنا أمام خيارين إما ضابط ظالم وإما مفترى عليه!
فقد نتفق بأن جهاز الشرطة عمل على إهانة وإذلال وتعذيب وإهدار كرامة الشعب المصري على مدى ثلاثين عاما سابقة عاث فيها فسادا، ولكن ما نختلف عليه حتما هو حالة التشفي والثأر بالأيدي أو حالة الاستقواء الملحوظة على رجال الشرطة من قبل فئات بعينها.
وربما اعتدنا أن نقرأ ونسمع قصصا وحكايات تعذيب المواطنين في السابق بسبب وبدون، أما مالا نعتاده حقا هو انقلاب الآية والتعدي على رجال الشرطة وأحيانا تعذيبهم وإذاقتهم بعض من شراب العذاب الذي أذاقوه للشعب، حتى بات لا يجرؤ على أن ينبت ببنت شفة عند مروره أمام قسم شرطة أو الاقتراب منه.
البلطجية تحكم الشارع
في الشرابية، وفي مشهد من أقوي مشاهد الرعب، قام بعض البلطجية بقتل معاون مأمور قسم الشرابية بعد تعذيبه وتكتيفه عاريا على سيارة ربع نقل، جابوا به شوارع القاهرة وسط طلقات نارية معبرة عن فرحتهم وتشفي غليلهم.
وفي رمسيس كانت الحكاية الأشهر؛ سائق ميكروباص يصفع مأمور الأزبكية على وجهه إثر مشاجرة بينهما، ووفاة السائق إثر محاولة المأمور الثأر لحق.. وتضارب الروايات حول قصة موته.
وهذا مواطن آخر يعتدي على ضابط شرطة بميدان الأزهر ويضربه بجنزير على رأسه، ولدى استدارة الضابط للامساك به حاول الفرار بين صفوف المواطنين، حتى سقط الضابط فاقدا للوعي.
وفي الدقهلية قام أربعة من البلطجية بالتعدي بالضرب على ضابط أثناء محاولته صرفهم عن لعب القمار أمام منزله. وشهدت الدقهلية أيضا قيام احد المستشارين بالاعتداء على ضابط شرطة ومحاولة صدمه بسيارته بمجرد أن طلب منه الضابط رخصة السيارة، فرفض بحجة أنه مستشار لا ينبغي إيقافه
وفي الجيزة يتعدى بائع ونجله على ضابط شرطة، لمحاولته إزالة بضاعتهما اللذين يشغلان بها الطريق العام، والنتيجة إصابته بعدة كدمات وجروح متفرقة.
الصراع مع الشرطة مرفوض
في تعليقه على هذه الأحداث المتتابعة، يرى الدكتور محمد المهدي، الاستشاري النفسي، أن هذا السلوك يأتي كرد فعل نتيجة لاضطراب العلاقة بين الشرطة والشعب على مدى الـ 30 سنة الماضية، وقيامها على الظلم والقهر والتهميش، فلم تكن علاقة قائمة على احترام القانون وإنما علاقة قوة وسيطرة وقمع للناس، وعندما اهتزت صورة رجال الشرطة بعد الثورة ظهرت بعض فئات - وليس كل الناس- ممن فهموا خطأً أن من حقهم التطاول عليهم أو الثأر منهم.
ويؤكد د.المهدي على سلبية هذا الاتجاه، قائلا: "لا يجب أن يكون هناك صراع مع الشرطة، وإن حدث في ظروف خاطئة فلا يجب أن نسمح به، ويجب أن يتكاتف الجميع على إعادة الاحترام والهيبة لرجل الشرطة، فالتطاول عليه ليس في مصلحة أحد، لأن النتيجة ستكون عزوف بعض رجال الشرطة وعدم المغامرة من جانبهم، فمنهم من سيقول لماذا أضحي بحياتي؟، وسيتراجع عن أداء دوره، وبالتالي ستعم الخسارة الجميع، ولا بد أن نعترف بأهمية الأمن في أي مجتمع لأنه يلي في أهميته الاحتياج إلى المأكل والملبس، ولذلك نحن في حاجة إلى إعادة بناء وهيكلة البيت المصري من جديد ولا عيب في ذلك، فألمانيا واليابان أعادت بناء وتأهيل شعبهما بعد الحرب العالمية".
شرخ لم يلتئم
يكمل المهدي: "على المواطن أن يعيد النظر في علاقته مع الشرطة، فهو ليس عدوا للشرطة على طول الخط، ولكنه فقط ضد الممارسات التي كانت سائدة والشرطة ليس بالضرورة ضده دائما، كذلك لابد وأن تغير الشرطة من نظرتها للشعب وتتوقف عن النظرة الاستبدادية والاستعلائية".
ويختتم المهدي كلامه مقترحا توصيات لتجاوز الأزمة، منها الاعتراف بأن شرخا حدث بين الشرطة والشعب ولم يلتئم، فما زال هناك قيادات في جهاز الشرطة يصرون على عدم الاعتراف بهذا الخلل.
مضيفا: "لابد من جهود مخلصة للنهوض بالوطن وليس تصفية حسابات أو معاقبة طرف للآخر، فنحن في قارب واحد والشرطة ليست دخيلة علينا، ولكنهم من أقاربنا وإخواننا وجيراننا وهم أيضا مصريون، وبالتالي لا بد من مراجعة الأمر بصدر رحب حتى نستعيد كلنا كمصريين الدور الايجابي في بناء البلد".
ضرورة تفعيل القانون
وفي نفس السياق يؤكد حافظ أبو سعده، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن الاعتداء على رجال الشرطة أمر مرفوض تماما من الجميع، و لابد من التصدي له لأنه يمثل اعتداء على هيبة الدولة المصرية، وليس مجرد اعتداء على موظف أثناء تأدية عمله.
ويرى أبو سعده أن مثل هذه الأفعال تصب في مصلحة الخارجين عن القانون وأتباع النظام السابق والبلطجية، لأنها أكثر الفئات رغبة في تفشي الفوضى، وتمكُن الانفلات الأمني من البلد، وبالتالي الإضرار بالثورة وقمعها، فبلد غير آمن معناه انهيار الاقتصاد القومي وتوقف السياحة وغيرها.
وينصح بضرورة تفعيل القانون لأن الاعتداء على موظف عام جريمة يعاقب عليها القانون، كذلك على رجال الشرطة أن يكفوا عن الأعمال الوحشية وتعذيب المواطنين الذي تدينه قوانين حقوق الإنسان.
http://www.alwafd.org/index.php?option=com_content&view=article&id=61004:%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D9%87%D9%8A-%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%89&catid=138:%D9%85%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3&Itemid=355
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق