الأربعاء، 24 أغسطس 2011


كتبت- رشا عبيد:
الأثنين , 18 يوليو 2011 20:19


وثيقة عقد الزواج هي الرباط المقدس والميثاق الغليظ الذي يجمع بين الزوج والزوجة على أساس من المودة والرحمة ولكن ... هل تقل قدسية هذا الرباط إذا أصبح مشروطا ؟ وهل من حق الزوجة أن تضع شروطا في عقد الزواج ؟

ولماذا تلجأ الزوجة لمثل هذه الشروط ؟

في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن شروط تمليها العروس على الخطيب وتسجلها في وثيقة الزواج , بدأت بشروط عادية أو مقبولة كأن تشترط الزوجة إكمال تعليمها بالجامعة أو حسن معاملة زوجها لها أو اشتراط عدم السهر كثيرا خارج المنزل، ولم تلبث أن تمادت مع التحول في المعايير الاجتماعية حتى وصلت إلى حد اشتراط عدم زواجه من أخرى ما دامت على ذمته، أو أن يطلق ضرتها إن كان متزوجا ، أو تشترط ألا تسافر معه إلى بلد آخر، وربما إقامة والدتها معها، ولا مانع أن تكون العصمة في يدها، وكأنها بهذه الشروط تؤمن خط سير المشروع الزوجي غير مدركة بأن هذه الشروط قد تكون حبل مشنقة لإعدام حياتهما الزوجية وتمزيق روابط العلاقة بينهما في حال عدم وفاء الزوج . أو في حال استخدامها كعصا سحرية من قبل الزوجة للتهرب من المسئوليات الزوجية أو التسلط على الطرف الآخر.

شروط البنات

تقول " فاطمة مرعي" اشترطت على زوجي إكمال تعليمي بالجامعة وأن أسكن في مسكن مستقل، ولأنها شروط عادية ليس فيها أي إجحاف للزوج وفّى العريس بالشروط وأنهت الزوجة تعليمها .

وبندم تحكي " هبة رأفت " كيف اشترطت على زوجها أن يكون سكنهم بجوار أهلها وفي نفس الشارع، كما اشترطت امتناع زوجها عن التدخين لأنه كان يدخن على فترات، وتتمنى لو أنها لم تشترط هذه الشروط لأنها اضطرت لنقل مسكنها نظرا لارتفاع أسعار الإيجار في المنطقة التي اختارتها في بداية زواجها، كما أن زوجها أصبح يدخن بكثافة لإحساسه أنه مرغم أو مضطر للامتناع عن هذه العادة وهذا ما دفعه للتمادي فيها .

ولأنها من أسرة متدينة تشترط " لولا " في عقد الزواج أن يغير زوجها من وظيفته كمحاسب في أحد البنوك، ويبحث عن وظيفة أخرى بحجة أن العمل في البنوك من المهن المشكوك في سلامة دخلها، وبالفعل ترك العريس الوظيفة وبحث عن وظيفة أخرى في إحدى الدول العربية وظل مغتربا بعد أن ترك عروسه في مصر..!

وتتمنى " رانيا " لو تعود بها الأيام إلى الوراء لتشترط على زوجها أن تستمر في العمل بعد أن أقنعها خطيبها بترك وظيفتها المرموقة قبل الزواج، ولم تكن تعلم بشأن خانة هذه الشروط في قسيمة الزواج .

مسألة خلافية

وعند الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية نجد أن هناك اختلافا بين علماء المسلمين حول هذه الشروط.. فإن اتفقوا جميعا على جواز وضعها والوفاء والالتزام بها وخاصة تلك التي بها منفعة للزوجة، إلا أن الاختلاف تمركز حول شروط بعينها كشرط الزوجة بعدم زواج زوجها بأخرى، وهذا الشرط أيده بعض علماء الدين ومنهم د. سعاد صالح واحتكمت في ذلك إلى أن الزوجة لا تستطيع من الناحية العاطفية تحمل وجود شريكة في زوجها، كما أيده الدكتور أحمد عمر هاشم ،الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر.

ومنها أيضا " شرط الزوجة بألا تسافر مع زوجها " وقد أفتت الدكتورة عبلة الكحلاوي ،العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، بجواز هذا الشرط بحجة أن الزوجة قد تكون الراعية الوحيدة لوالديها المسنين، أو قد يترتب على سفرها فصلها من وظيفتها.

ويرى دكتور عصام الشعار "الباحث الشرعي" بأن الشروط في النكاح على أقسام ثلاثة:

1- ما يجب الوفاء به؛ لأنه من مقتضيات النكاح ومقاصده.. كأن تشترط الزوجة على الزوج أن يعاملها بالمعروف وأن ينفق عليها.

2- ما يحرم الوفاء به لمنافاته لمقتضى العقد.. كأن تشترط المرأة ألا يقسم لضرتها أو تشترط عليه أن يطلق زوجته الأولى.

3- ما هو مختلف فيه، مثل أن تشترط الزوجة على الزوج ألا تسافر معه وألا ينتقل من بلده الذي تزوج فيه أو أن تشترط عليه ألا يتزوج عليها.

والذي عليه جمهور الفقهاء في هذا القسم الأخير أنه يستحب الوفاء بالشرط ، قال الباجي في شرحه للموطأ: قال ابن حبيب: وقد استحب مالك وغيره من أهل العلم أن يفي لها بما شرط، وأن ذلك غير لازم للزوج، وعليه جمهور الفقهاء.

وذهب الحنابلة ،كما يقول الشعار ،إلى أن كل شرط يعود على المرأة بالنفع يجب الوفاء لها به، قال ابن قدامة في المغني: الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة: أحدها: ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته مثل ألا يخرجها من دارها أو بلدها. ودليلهم في هذا ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج.

أمان قانوني فقط

وعن الأسباب التي تدفع الزوجة لإملاء هذه الشروط ترى د.نعمت عوض الله ،المستشارة التربوية، أن الزوجة بدأت في إملاء شروطها مع انتشار الإحساس بالخوف وعدم الأمان ومع تلاعب الرجل وعدم التزامه بالكلمة التي اتفق عليها مع أهلها، على عكس الأجيال السابقة التي كانت تتعامل مع الرجل بكل ما تحمله الكلمة من معان جميلة وأهمها الثقة والالتزام بالكلمة " ولو على رقبته ".

وتستمر: أما مع تغير الظروف وغياب الكثير من القيم الاجتماعية واستهتار الكثير من الشباب مع عدم التزامهم بالكلمة.. بدأت العروس في الاشتراط على الزوج والبحث عن الضمانات التي تخدمها مستقبلا بهدف الإحساس بالأمان في ظل المتغيرات الحديثة، وانتشار حالات الطلاق والخلافات الزوجية السريعة وكما يقال " العقد شريعة المتعاقدين ".

وتأسف د.نعمت أنه تم اختزال الصورة الجميلة للزواج في هذا المعني، مؤكدة

أن رغبة العديد من الفتيات في الزواج للتخلص من لقب عانس ،حتى وإن حملت لقب مطلقة بعد فترة وجيزة، من أهم أسباب انتشار هذه الشروط التي ترى أن معظمها تعجيزي أو من أجل التسلط مما يعود بالضرر على الحياة الزوجية، لافتة أن هذا يتنافي مع فكرة المجتمع التي أساسها العائلة والأمان.. وأن الزواج أساسه الاستقرار وليس التفرقة.

وتلفت أن هذه الشروط وإن كانت لا تبطل عقد الزواج، فقد ساهمت بتجريده من معناه الجميل الذي يقوم على المودة والرحمة والالتحام الكامل، وأن فهم الزواج بمعناه السليم هو الشيء الوحيد الذي يضمن الاستقرار الأسري، وأن هذه الشروط تخلق قيودا على الحياة الزوجية فمهما كان الرجل متفتحا فإذا قبل بها في فترة من الفترات وتحت ظروف معينة إلا أنه بعد فترة يحس بقيد هذه الشروط ويبدأ في التحايل عليها، وبذلك فإن شروط الزواج لا توفر الأمان الأسري بقدر ما توفره من أمان قانوني فقط .

وأنت ... ما هو الشرط الذي تنوين كتابته في قسيمة الزواج ؟

http://www.alwafd.org/index.php?option=com_content&view=article&id=72358:%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A5%D9%86%D8%AA-%D8%AC%D9%88%D8%B2%D9%8A-%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B7&catid=124:%D9%87%D9%88%20%D9%88%20%D9%87%D9%89&Itemid=356

ليست هناك تعليقات: