18/05/2011
يؤكد العالم النفسي إريك فروم أن العلاقة بين الأبناء والآباء هي المسئولة عن تنشئة طفل سليم نفسيا ، فكلما توطدت هذه العلاقة أصبح أكثر ثباتا في مواجهة الحياة، ويدعم ثقته بنفسه ، وكلما ضعفت أدت إلى كبح وإعاقة النمو النفسي الشخصي وافتقاد الطفل لحاجات الحب والانتماء .
وتعتبر الصداقة خير وسيلة لنجاح العلاقة بين الآباء والأبناء ، كما أنها مطلب أساسي للأبناء وهذا ما أكدته دراسة اجتماعية سعودية للباحث الدكتور علي الرومي بعنوان " تعامل الآباء مع احتياجات الأبناء دراسة اجتماعية باستخدام مجموعات النقاش المحورية " حيث توصلت إلى أن علاقات 63 بالمائة من الأبناء بآبائهم متوترة ومتذبذبة ، كما توصلت إلى رغبة الأبناء في أن يعاملهم آباؤهم كأصدقاء، والشعور بالاهتمام والحرية والخصوصية وتوجيه النصح لهم وعدم توبيخهم جاءت في المراتب الأولى.
وتقوم الصداقة على ثلاث أعمدة رئيسية هي الحب والثقة والاحترام ،فمعاملة الطفل بالحب والحنان منذ سنوات عمره الأولى ،وتدعيم ثقته بنفسه من خلال الاستماع إليه في جو من الحوار الهادئ الذي يكفل الاحترام لكلا الطرفين ، يعين الطفل على مواجهة الحياة بالحب والقيادية وليس بالانطواء والانقيادية ، ولكن مع زخم الحياة والتطور التكنولوجي الرهيب الذي نشهده في الآونة الأخيرة زادت فرص العزلة بين أفراد البيت الواحد ،ودعمت من فكرة صراع الأجيال التي قد يحاربها البعض ويحاول جاهدا مواكبة العصر والتقرب من أبنائه ومصاحبتهم ،وقد يستسلم البعض بحجة أنها سنة الحياة حتى يصبح الأبناء أسرى لصداقات وهمية على مواقع الشبكات الاجتماعية .
أختي العزيزة:
هل أنت صديقة لأبنائك؟
أم أن الأمر والنهي والتهديد بالعقاب هم عنوان العلاقة وأساسها ؟
وإذا كنت كذلك.....
فكيف تصبحين صديقة لأبنائك ؟
وما أهمية ذلك على حياتهم ؟
أهمية صداقة الأبناء:
حول أهمية صداقة الأبناء تؤكد الخبيرة النفسية الدكتورة داليا الشيمي بأن للصداقة بين الآباء والأبناء أهمية كبيرة في رسم ملامح شخصية الأبناء وتطويرها وهذه الصداقة من شانها إعطاء الطفل قدرا من الثقة بالنفس ومزيدا من الإحساس بالأمان يساعده على نمو نفسي سليم في جميع مراحل حياته وبها يجد من يلجأ إليه في حل مشاكله واستشارته، ولا يوجد بالطبع من هم أكثر حبا وخوفا على مصلحته من أمه وأبيه وبذلك يمكن اعتبارها درعا واقيا للأبناء بدلا من البحث عن صداقات بديلة تحل محل الأم أو الأب قد تجرفهم في تيار التهلكة.
وتواصل الشيمي بأن لهذه الصداقة أثرها في تنمية قدرات الأبناء الذهنية وخبراتهم المعرفية فضلا عن اتساع الأفق والقدرة على اتخاذ القرار السليم لديهم نتيجة سرد الأم أو الأب قصصا عن خبراتهم ومواقفهم وحياتهم , وتدعم من قدرتهم على التواصل مع المجتمع والتعامل مع المدرسين بحرية بعيدا عن مشاعر الخجل والانطوائية
وترى الشيمي أن كلمة صداقة ليس مجرد كلمة نمليها على أبنائنا ولكنها تأتي بالممارسة والتقرب والاندماج في حياة الأبناء والتعرف على مشاكلهم والمساهمة في إيجاد الحلول لها مع تقبل الطفل بكل عيوبه ومميزاته وتجنب توبيخه باستمرار وتوفير مساحة من الحوار المثمر والهادف والديمقراطي فالآباء ليسو هم أصحاب السلطة المطلقة في الحديث وإصدار الأوامر والنواهي وقائمة الممنوعات والمحظورات مع الرغبة في الطاعة العمياء لهم دون أن يكفلوا حق الرد لأبنائهم أو عرض رأي آخر قد يحتمل الصواب أو الخطأ والأفضل أن يستمعوا كثيرا إلى أبنائهم وهذا لا يتناقض إطلاقا مع طاعة الوالدين وبرهم ما دام هناك احترام والتزام بآداب الحوار، ولا ننسى إعطاءهم الفرصة للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم وإشعارهم بأهمية هذه الآراء وإشراكهم في حل بعض المشكلات مع مراعاة نوع المشكلة واختيار المشاكل الخفيفة لنجنبهم الإحساس بالعجز.
روشته صداقة بين الآباء والأبناء
وترى المستشارة التربوية فاطمة محسن أن التواصل مع الأبناء هو بمثابة حرارة الهاتف التي إذا انقطعت انقطع الاتصال، وتقدم مجموعة من الخطوات العملية لإقامة صداقة قوية مع الأبناء منذ الميلاد وحتى مرحلة المراهقة والتخلص من العلاقات الهشة والسطحية معهم :
• أولا يجب ألا ننسى نصيحة سيدنا علي رضي الله عنه في تربية الأبناء "لاعبوهم سبع....وأدبوهم سبع....وصاحبوهم سبع....ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب".
• ردد على مسامعه دائما أنك تحبه.
• عندما تناديه فليكن نداؤك بأحب الأسماء إليه.
• خصص وقتا للعب معه....لقص الحكايات ...
• اجعله يساعدك في إعداد وجبات خفيفة في المطبخ مثل عمل حلوى الجيلى والعصائر وغيرها.
• إذا حدثت له مشكلة ما هناك قاعدة هامة أنصت ولا تسمع....أى وجه له كل حواسك وكن معه بقلبك قبل جوارحك فالآذان المفتوحة تعني قلبا مفتوحا .
• انزل لمستوى الطفل وأنت تحدثه...انظر له في عينيه...ضع يدك على كتفه....امسح له على شعره....احتضنه وضمه إلى صدرك ليشعر بك.
• خذه معك وأنت تشتري ملابسه واجعله ينتقي ملابسه بنفسه .
• اجعل وقت النوم مميزا وله طقوسه....اسأله أين قُبلتي ؟ هيا لنحكى قصة تختارها أنت بنفسك.
أما عن التواصل مع المراهق فترى فاطمة محسن أنه يختلف عن التواصل مع الطفل الصغير نظرا لاختلاف العمر....ولكن هناك بالطبع بعض النقاط المشتركة في التواصل مع المرحلتين
واليك بعض الخطوات البسيطة:
• حاول أن تكون علاقتكما خارج نطاق افعل ولا تفعل.
• تغاض عن بعض الهفوات التي قد تعكر صفو حياتكما.
• لا تجعل كلمة (لا) هي أكثر شيء يسمعه منك...فما المانع إن قلنا نعم على بعض الأشياء طالما أنها في حدود العرف والدين.
• تعرف على أصدقائه واجعله يتشارك معهم أيامه في المنزل أو خارج المنزل.
• أعد له حفلة مميزة ادع إليها الأصدقاء عند النجاح.
• امدحه أمام العائلة وأمام أصدقائه ومعلميه....وإياك إياك من توبيخه أمام الناس...خاصة أصدقائه .
• اسأله عن:
o يومه في المدرسة هل كان ممتعا أم مملا؟
o من أقرب أصدقائه إلى قلبه؟
o من أحب المعلمين إليه؟
o لماذا يحب تلك المادة بعينها ويكره الأخرى؟
o ماذا تحب أن تأكل اليوم؟
مثل تلك الأسئلة تقربك من ابنك إضافة إلى ذلك فإنها تكسر الحواجز بينكما وتمهد لأن تصبح المقرب إليه .
• الحديث عن مرحلة البلوغ....وماذا سيحدث له....وما التغيرات الجسدية التي ستطرأ عليه من الأشياء الهامة جدا وهو من المواضيع التي تقربك من ابنك كثيرا ويجعله كذلك يرجع إليك في أي مشكلة تواجهه حول هذا الموضوع .
• لا تسفه آراءه أو أفكاره حتى لو كانت بسيطة أو ساذجة من وجهة نظرك....بل أنصت إليها بكل حب وود...وتفاعل.
• استشره في مشكلة تخصك أنت ...واختر أي مشكلة صغيرة تواجهك في المنزل أو العمل وتشاور معه في كيفية الحل.
• لا تحكم على أفعاله سريعا بل اسأله أولا لم فعلت ذلك.
• شاركه هواية يحبها ومارسها معه.
• ابحث عن اهتماماته وشاركه فيها.
• حبذا لو تخصص لكل ابن على حدة يوما تخرج معه فيه...أعلم أن ذلك قد يكون شاقا عليك ....لكن حاول أن تقسم الأوقات بينهم...واجعله يختار المكان الذي يحب الذهاب إليه.
• خذ رأيه في أشياء تخصك مثل اختيار ملابس لك أو شراء أغراض للمنزل.
• اعلم أخيرا أن التربية تحتاج لوقت وجهد كبيرين؛ فابذل ما استطعت فيها ولا تبخل بوقتك أو جهدك أو مالك كذلك لتربي جيلا صالحا نافعا لنفسه وأمته.
كوني أنت الصديقة الأولى:
وبذلك لكي تكوني صديقة لأبنائك لابد وأن تكوني قريبة منهم وقريبة من تفكيرهم وأكثر دراية ومعرفة بمشاكلهم، لذلك لا تنشغلي عنهم بأمور الدنيا حتى لا يضطر أي منهم للبحث عن من يستمع إليه وينصحه، وقد يكون غير أهل لهذه النصيحة. واعلمي أن الرغبة في الفضفضة غريزة في النفس البشرية حيث يقول أخصائي علم النفس الأمريكي يوجين كيندي: إن الكثيرين منا يحتاجون بين حين وآخر إلى شخص يستطيعون أن يرووا له قصة حياتهم بالتفصيل دون الإحساس بالحرج ويحتاجون لشخص يثقون به ولا يخجلون من مناقشة أدق أمورهم ومشكلاتهم الخاصة معه
فلماذا لا تكوني أنت هذا الشخص ؟
http://www.wafa.com.sa/contents/519
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق